الاثنين، 14 مارس 2011

لأول مرة .. مذكرات الرئيس المخلوع عن ثورة 25 يناير .. فكرت في طلاق سوزان.. وجمال ابني خدعني .. ثروتي كبيرة لكنها لا تصل للأرقام التي يتحدثون عنها


جريدة الموجز 
هل ستشهد الشهور القليلة المقبلة صدور كتاب "الآن أعترف.. مذكرات رئيس سابق" والرئيس السابق هو "محمد حسني مبارك" الذي أصبح اليوم رجلا يحيا في الظل، يبكي علي أطلال حكم وتاريخ أهدره أقرب المقربين إليه، ينعي منصبا رئاسيا وذكريات ومواقف جعلته يجلس وحيدا تمر أمامه قرارات ومواقف و"جبروت" جميعها ذهبت مع الريح، ودهستها أقدام البسطاء الذين هزوا عرشه وأخرجوه من قصره وحلمه ومنصبه.
هل سيكتب الرئيس - إذا كتب - الحقيقة كاملة، وهل سيعلن توبته ويطلب الغفران من الشعب الذي ظلمه، وهل من الممكن أن يقبل الرئيس أن يستمر في الحياة حاملا علي عاتقه سنوات ثلاثين من الظلم والحقد والكره واللعنات دون أن يفكر للحظات أن يهدم المعبد فوق رأسه ومن قبله من خانوه.
الحديث عن "مذكرات الرئيس" أمر تؤكده جميع الشواهد الحالية وما عرف عن الرئيس مبارك يؤكد بما لا "يدع مجالا للشك" انه لا يمكن أن يتجه للكتابة فقد قال عنه كثيرون ممن تعاملوا معه أنه رجل لا يحب القراءة ويمل من الحديث الهادف أو المثقف، وهو ما أكده عدم قيامه بعقد أي لقاءات مع المثقفين إلا قليلا، وكانت غالبيتها لقاءات "رسمية" لا ترقي لمكانة الاثنين، ورغم هذا فإن "مذكرات مبارك" من الممكن أن تكون بمثابة اليد القوية التي ستزيل عورات الكثيرين سواء هنا في الداخل أو في الخارج أيضا سواء قيادات عربية أو ملوك ورؤساء عالميين.
مقدمة وفصل محتمل لمذكرات "مبارك"
لم أضع في حساباتي يوما أن أجلس هنا.. أن أكتب "مذكراتي" التي ظللت خلال السنوات الطويلة الماضية أسطر فيها الموقف تلو الموقف دون أن أتوقف - ولو قليلا - لأحاسب نفسي أو حتي أراجع بعض قراراتي واختياراتي لمن حولي.. ولكن بعد 25 يناير وإجباري علي ترك منصبي - الذي جاهدت لسنوات لتدعيم أركانه - كانت المذكرات هي الملاذ الوحيد الذي وجدت فيه "الصديق الوحيد" بعدما تخلي عني الكبار الذين صنعتهم والأبناء الذين قمت بتربيتهم، بل وكانت قد سولت لي نفسي أن أجعل الأصغر فيهم خليفة لي في الحكم.
مذكراتي من الممكن أن تكون "طوق نجاة" لي ومن المحتمل أنها ستكتب نهاية كثيرين تحلقوا حولي وتحدثوا عن مجدي وتاريخي وحكمتي وعدالتي.. ولكن من المؤكد أنها ستكون هي الأكثر مبيعا خلال الأشهر المقبلة رغم أنني لم أتلق حتي الآن عروضا جادة من دور نشر عالمية كما توقعت.
سنوات عمري الثلاثون في الحكم بها زخم من الأحداث ولكن أيام ما بعد 25 يناير هي الأكثر سخونة فبعد انتقالي للإقامة في "شرم الشيخ" المدينة التي أعشقها وعملت لسنوات علي تجميلها، فوجئت بتناثر الشائعات حولي، فمن كانوا يتحدثون عني بالخير واليمن والبركات، كتبوا أنني ذهبت إلي تبوك، وآخرون قالوا إنني مريض في فرنسا، وفريق ثالث اختار ألمانيا مستندا لتاريخي الطبي ورحلاتي المتتالية في السنوات القليلة الماضية، رغم أنني لم أترك " شرم الشيخ " لأسباب عديدة آخرها العامل الصحي، فقد أصررت من البداية علي ألا أكون شبيها لأحد.. فلن أهرب بأموالي ورجالي وأولادي إلي السعودية ولن أشيد أنفاقا وغرفا سرية حتي يأتي "المارينز الأمريكان" ويخرجوني منها، ولن أذهب إلي لندن لألحق بمن سبقوني من أصدقاء "جمال" من رجال الأعمال الهاربين والفاسدين الذين ينفقون ما نهبوه من قروض البنوك المصرية تحت أقدام "الموديلز" وفتيات لندن.
حالة التغييب التي عانيت منها خلال السنوات الخمس الأخيرة والتي تحدثت عنها في خطابي الأخير، سبب آخر كان له تأثير كبير في أن أتخذ قرار الكتابة والتأريخ لفترة لم أكن أتوقع حدوثها ولم تحدث لمن سبقوني، تلك الحالة التي اكتشفتها مؤخرا وتحديدا بعد اندلاع المظاهرات الغاضبة ضدي التي خرجت تطالب في البداية بالعدالة التي أقنعني من حولي أنها متوافرة، وعندما استمعت لنصيحة من حولي والتزمت الصمت ارتفع سقف مطالبهم لإقالة "نظيف" من رئاسة الحكومة "، والتزمت للمرة الثانية - دون توجيهات أو مساعدات - بالصمت فقالوا "الشعب يريد إسقاط النظام"، وعندما خرجت لأتحدث لهم كان الجو العام لا يحتمل برودة الخطاب الأول وحالة "التغييب" في الخطاب الثاني، وحتي استعانتي بـ"سليمان" و"شفيق" لم تعطني إلا ساعات قليلة في الحكم حتي قررت الرحيل وهو القرار الوحيد الذي اتخذته منفردا منذ أكثر من عشر سنوات.
رنين "التليفون" الأرضي لم يتوقف، لكنني لم أرد علي أحد ولن أرد.. فأوباما الذي هاجمني طوال فترة المظاهرات الغاضبة التي خرجت ضدي واحتشدت في ميدان التحرير وبقية ميادين الجمهورية، يريد اليوم أن يتحدث معي بعد أن خرجت علي المعاش - رغما عني - وقيادات عربية تطلب مني التراجع والقفز مجددا علي الشرعية الثورية، ملوك تحدثوا معي عن السفر إليهم وآخرهم العاهل السعودي الملك عبدالله الذي طلب مني الحضور للمملكة والبقاء هناك، ولا أخفي سرا أنني فكرت كثيرا في تلك الدعوة، لكن ضغوط "سوزان" ومن ورائها "جمال" جعلتني أتراجع في اللحظات الأخيرة، فهم يريدون الرحيل إلي العاصمة البريطانية "لندن" التي اعتادوا علي البقاء فيها منذ سنوات طويلة، كما أنهم سافروا إلي هناك مع بداية المظاهرات وانخفاض أسهم بقائي في الحكم، لكن مكالمة هاتفية من ابني الأكبر "علاء" الذي أصر علي البقاء معي - جعلتهم يعودون للاطمئنان علي صحتي التي تدهورت قليلا في الأيام الأولي التي قضيتها هنا وأنا غير مصدق لما يحدث وما حدث حولي، فأقرب من كانوا حولي اتضح أنهم كانوا أول وأكبر أعدائي فزوجتي التي صنعت منها "سيدة مصر الأولي" وابني الذي أصبح في غضون سنوات قليلة علي قمة الهرم السياسي المصري تحالفا ضدي بتقارير " كاذبة " ووعود باستقرار الشارع المصري وحب الشعب وحالة الرخاء التي يعيشها الشعب بكل طبقاته وألوانه، قالوا لي إن المعارضة لا تريد أن تجلس مكاني.. قالوا لي أيضا إن الإخوان لا يمثلون خطورة حقيقية أو تيارا يمكن أن يكون ذا تأثير في الشارع، أخبروني أن عضوية الحزب الوطني تجاوزت الملايين الثلاثة بعدة آلاف، وعندما سألت "العادلي" عن حقيقة المظاهرات التي ستخرج في 25 يناير قال لي "دول شوية عيال إخوان حانلمهم يا ريس" وعندما خرجت الأمور من تحت سيطرته وأصدرت قرارا بنزول "الجيش" قال لي "طب خليه ينفعك" وحدث ما حدث، واكتشفت أن زوجتي تآمرت هي وابني الأصغر ضدي لإبعادي وإجلاسه هو مكاني، تطوف علي ذاكرتي الآن كلمات وحروف التقارير التي قدمها لي "أحمد عز" عن الهدوء الذي يسيطر علي الحياة الحزبية في مصر بعد الـ97% التي اغتنمها الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي تأكدت تماما أنها كانت بمثابة "القشة التي قصمت ظهر حكمي وتاريخي".
حالة من الحزن انتابتني في الأيام الأخيرة، ومن حولي لم يعطوني الاهتمام الذي كانوا يظهرونه لي وأنا أعتلي قمة الحكم، فزوجتي التي ظلت معي طوال السنوات الماضية فكرت جديا في اتخاذ قرار الانفصال عنها، لكنني تراجعت لأسباب لا يمكن ذكرها حتي لا تزداد الاتهامات الموجهة ضدي اتهاما جديدا، وابني الذي ظل منذ دخوله الحزب الوطني يتعامل مع رأيي كتحصيل حاصل، ويظهر لي عكس ما يبطن ضدي، ابني الذي أصر أن يعلن أمام الجميع أنه ابن "عاق" فقد اتخذ قرار الانفصال بعائلته الجديدة - بعد زواجه بـ "خديجة الجمال" واختار "الزمالك" مكانا لإقامته رغم التحذيرات الأمنية التي وجهتها له.
ثروتي أمر ثان أحزنني جدا.. فالبعض يقول إنني تريليونير.. والبعض تجاوز الحدود للحديث عن عقارات أمتلكها في الخارج وحسابات سرية وأصدقاء عرب أودعت لديهم أموالي.. نعم أعترف أنني صنعت ثروة لا بأس بها.. وإن شئت الصدق ثروة طائلة من وراء منصبي.. ثروة لم يستطع "جمال عبد الناصر" واشتراكيته الحالمة أن يجنيها.. ولم يفكر "السادات" الرئيس المؤمن أن يجمع نصفها رغم انفتاحه "السداح مداح"، ولكن أقول إنها ثروة لا تصل لـ70 مليارا كما رأيت صورة أحد المتظاهرين رافعا لافتة "يا مبارك يا طيار.. منين جبت الـ70 مليار"، وأريد أن أعترف أنني استفدت ومن قبلي عائلتي من وراء منصبي وهو ما يبرر تمسكي أنا "وجمال" بالسلطة حتي آخر نفس، ليس حفاظا علي الثروة فقط بل وخوفا من السيناريو والكابوس الحالي الذي أعاني منه اليوم وحيدا بلا زوجة أو ابن.
وفي هذا الفصل أقدم تأريخ بسيطا لحياتي بالأرقام " انا ولدت في 4 مايو 1928 وأنهيت مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة المساعي الثانوية بشبين الكوم، ثم التحقت بالكلية الحربية، وحصلت علي بكالوريوس العلوم العسكرية فبراير 1949، وتخرجت برتبة ملازم ثان.
التحقت ضابطا بسلاح المشاة، باللواء الثاني الميكانيكي لمدة 3 شهور، وأعلنت كلية الطيران عن قبول دفعة جديدة بها، من خريجي الكلية الحربية، فتقدمت للالتحاق بالكلية الجوية، واجتزت الاختبارات مع أحد عشر ضابطاً قبلتهم الكلية، وتخرجت في الكلية الجوية، حيث حصلت علي بكالوريوس علوم الطيران من الكلية الجوية في 12 مارس 1950. وفي عام 1964 تلقيت دراسات عليا بأكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي.
تدرجت في الوظائف العسكرية فور تخرجي، حيث عينت بالقوات الجوية في العريش، في 13 مارس 1950، ثم نقلت إلي مطار حلوان عام 1951 للتدريب علي المقاتلات، وظللت به حتي بداية عام 1953، ثم نقلت إلي كلية الطيران لأعمل مدرسا بها، فمساعدا لأركان حرب الكلية، ثم أركان حرب الكلية، وقدت سربا في نفس الوقت، حتي عام 1959. تم أسري برفقة ضباط مصريين بعد نزولنا اضطراريا في المغرب علي متن مروحية خلال حرب الرمال التي نشبت بين المغرب والجزائر.
في يوم 5 يونيه 1967، كنت محمد حسني مبارك قائد قاعدة بني سويف الجوية.
عُينت مديرا للكلية الجوية في نوفمبر 1967م، وشهدت تلك الفترة حرب الاستنزاف، رقيت لرتبة العميد في 22 يونيه 1969، وشغلت منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية في أبريل 1972م، وفي العام نفسه عُينت نائباً لوزير الحربية.
قدت القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر 1973، وتمت ترقيتي إلي رتبة الفريق في فبراير 1974. وفي 15 أبريل 1975، واختارني محمد أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية، لشغل هذا المنصب (1975 ـ 1981م).
عندما أعلن السادات تشكيل الحزب الوطني الديمقراطي برئاسته في يوليو 1978م، ليكون حزب الحكومة في مصر بدلاً من حزب مصر،أصبحت نائبًا لرئيس الحزب.
وفي هذه المرحلة توليت أكثر من مهمة عربية ودولية، كما قمت بزيارات عديدة لدول العالم، ساهمت إلي حد كبير في تدعيم علاقات هذه الدول مع مصر.
وفي 14 أكتوبر 1981م توليت رئاسة جمهورية مصر العربية، بعدما تم الاستفتاء بعد ترشيح مجلس الشعب لي في استفتاء شعبي، خلفاً للرئيس محمد أنور السادات، الذي اغتيل في 6 أكتوبر 1981م، أثناء العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بذكري انتصارات أكتوبر 1973م. وفي 26 يناير 1982م انتخبت رئيساً للحزب الوطني الديمقراطي.
في 5 أكتوبر 1987 أُعيد الاستفتاء وتم اختياري رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية ثانية وفي 1993 أُعيد الاستفتاء لفترة رئاسية ثالثة في 26 سبتمبر 1999، أُعيد الاستفتاء لفترة رئاسية رابعة، كما تم انتخابي لفترة ولاية جديدة عام 2005 في أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر عقب إجراء تعديل دستوري في ظل انتخابات شهدت أعمال عنف واعتقالات لمرشحي المعارضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق